سورة البقرة - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (البقرة)


        


تلقى: بمعنى أخذ، وقبل. قال ابن قتيبة: كأن الله تعالى أوحى إليه أن يستغفره ويستقبله بكلام من عنده، ففعل ذلك آدم فتاب عليه. وقرأ ابن كثير: {فتلقى آدمَ} بالنصب، {كلماتٌ}: بالرفع؛ على أن الكلمات هي الفاعلة.
وفي الكلمات أقوال.
أحدها: أنها قوله تعالى: {ربنا ظلمنا أنفسنا، وإِن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} [الأعراف: 23]. قاله ابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعطاء الخراساني، وعبيد بن عمير، وأبيّ بن كعب، وابن زيد.
والثاني: أنه قال: أي رب؛ ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى. قال: ألم تنفخ فيّ من روحك؟ قال: بلى. قال: ألم تسبق رحمتك إِليّ قبل غضبك؟ قال: بلى. قال: ألم تسجد لي ملائكتك، وتسكني جنتك؟ قال: بلى. قال: أي رب أرأيت إِن تبت وأصلحت، أراجعي أنت إِلى الجنة؟ قال: نعم. حكاه السدي عن ابن عباس:
والثالث: أنه قال: اللهم لا إله إلا أنت، سبحانك وبحمدك، رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي، إنك خير الغافرين، اللهم لا إله إلا أنت، سبحانك وبحمدك، رب إني ظلمت نفسي فارحمني، فأنت خير الراحمين، اللهم لا إله إلا أنت، سبحانك وبحمدك، رب إني ظلمت نفسي فتب عليَّ، إنك أنت التواب الرحيم. رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد وقد ذكرت أقوال من كلمات الاعتذار تقارب هذا المعنى.
قوله تعالى: {فتاب عليه}.
أصل التوبة: الرجوع، فالتوبة من آدم: رجوعه عن المعصية، وهي من الله تعالى: رجوعه عليه بالرحمة، والثواب الذي كلما تكررت توبة العبد تكرر قبوله، وإنما لم تذكر حواء في التوبة، لأنه لم يجر لها ذكر، لا أن توبتها لم تقبل، وقال قوم: إذا كان معنى فعل الاثنين واحداً؛ جاز أن يذكر أحدهما ويكون المعنى لهما، كقوله تعالى: {والله ورسوله أحق أن يرضوه} [التوبة: 63] وقوله: {فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى} [طه: 117].


في إعادة ذكر الهبوط وقد تقدم قولان:
أحدهما: أنه أعيد لأن آدم أهبط إِهباطين، أحدهما من الجنة إلى السماء، والثاني: من السماء إلى الأرض. وأيهما الاهباط المذكور في هذه الآية؟ فيه قولان.
والثاني: أنه إِنما كرر الهبوط توكيداً.
قوله تعالى: {فإما} قال الزجاج: هذه إِن التي للجزاء، ضمت إليها ما والأصل في اللفظ إِن ما مفصولة، ولكنها مدغمة، وكتبت على الإدغام، فاذا ضمت ما إلى إِن لزم الفعل النون الثقيلة أو الخفيفة. وإنما تلزمه النون لأن ما تدخل مؤكدة، ودخلت النون مؤكدة أيضاً، كما لزمت اللام النون في القسم في قولك: والله لتفعلن، وجواب الجزاء الفاء.
وفي المراد بالهدى هاهنا قولان. أحدهما: أنه الرسول، قاله ابن عباس ومقاتل. والثاني: الكتاب، حكاه بعض المفسرين.
قوله تعالى: {فلا خوف عليهم}
وقرأ يعقوب: فلا خوفَ: بفتح الفاء من غير تنوين، وقرأ ابن محيصن بضم الفاء من غير تنوين. والمعنى: فلا خوف عليهم فيما يستقبلون من العذاب، ولا هم يحزنون عند الموت. والخوف لأمر مستقبل، والحزن لأمر ماضٍ.


في معنى الآية: ثلاثة أقوال.
أحدها: أنها العلامة، فمعنى آية: علامة لانقطاع الكلام الذي قبلها، والذي بعدها، قال الشاعر:
ألا أبلغ لديك بني تميم *** بآية ما يحبون الطعاما
وقال النابغة:
توهمت آيات لها فعرفتها *** لستة أعوام وذا العام سابع
وهذا اختيار أبي عبيد.
والثاني: أنها سميت آية، لأنها جماعة حروف من القرآن، وطائفة منه. قال أبو عمرو الشيباني: يقال: خرج القوم بآيتهم، أي: بجماعتهم. وأنشدوا:
خرجنا من النقبين لا حي مثلنا *** بآياتنا نزجي اللقاح المطافلا
والثالث: أنها سميت آية، لأنها عجب، وذلك أن قارئها يستدل إذا قرأها على مباينتها كلام المخلوقين، وهذا كما تقول: فلان آية من الآيات؛ أي: عجب من العجائب. ذكره ابن الأنباري.
وفي المراد بهذه الآيات أربعة أقوال.
أحدها: آيات الكتب التي تتلى. والثاني: معجزات الأنبياء، والثالث: القرآن. والرابع: دلائل الله في مصنوعاته. وأصحاب النار: سكانها، سموا أصحاباً، لصحبتهم إياها بالملازمة.

9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16